أصوات ضحكاتهم تنساب لأذني ؛ دفئ حديثهم يخترق قلبي ؛
ينتابني شعور فضولي ؛أرغب برؤيتهم ...
تسلقت الحائط وأخذت استرق النظر لهم ..
قلت لنفسي " إنه اعائلة سعيدة " .. كانت العائلة مكونة من أب وأم وثلاثة أبناء ..
رفعت الأم رأسها ورأتني .. خشيت أن تعنفني فأنزلت رأسي ..
ولكنها ابتسمت بحنان .. ونادتني قائلة : بنيتي .. إن كنت جائعة تعالي لتشاركينا الطعام ...
صدمتني كلماتها .. يا ألهي ، ليس هذا ما أردته ...
ريـــمــــااا .. صراخ أبي العالي ملأ قلبي بالرعب ..
نزلت بسرعة في محاولة مني للهرب من غضب أبي .. لم أجد سوى حضن الخادمة الأجنبية أختبئ فيه لأشعر بالأمان ..
ولكن أبي انتزعني من حضنها بعنف وصوته الهادر يملأ قلبي خوفا ورعبا ...
" ألا تخجلين من نفسك أيتها الفتاة عديمة الحياء .. لقد أحرجتني مع الجار ..
أليس لدينا طعام لتأكليه ؟؟... ألا يكفيكـ ما لدينا من طعام وألعاب أيتها ...
لم أسمع بقية حديثه .. كلماته شلت تفكيري ..
لم أشعر بألم ضربه القاسي على جسدي ..
ولا بمحاولة الخادمة الأجنبية حمايتي من غضب أبي ..
كل ما كنت أفكر فيه في ذلكـ الوقت أنهم لم يفهموني ..
لم يستطيعوا فهمي ...
لم أكن بحاجة لطعام .. لست بحاجة لألعاب والدمى ..
ولكني كنت أحتاجالـ....
" ريما " ...
أفقت من ذكرياتي على صوت المعلمة وهي تقول : " ريما .. انتبهي للدرس يا عزيزتي " ..
ثم تابعت " وكما كنت أقول ؛ واجبكم هو كتابة موضوع عن أهمية الأسرة في حياتكم ..
أكتبوا عن عائلاتكم وعلاقاتكم معهم .. عن طفولتكم الجميلة مع والديكم .. عن حبهم لكم وحبكم لهم ... حظا موفقا لكم " .....
دق الجرس معلنا انتهاء الدوام وبداية حيرتي ؛؛ عن ماذا أكتب وبم أعبر ؟؟!!!
دخلت المنزل ومازلت حائرة .. لم تكن طفولتي سعيدة .. عشت مع والداي ؛ ولكني كنت أشعرأنني يتيمة !!!
كانوا يلبون لي كل رغباتي المادية .. لكنهم لم يفكروا يوما برغباتي واحتياجاتي الخاصة كفتاة !!!
استلقيت على سريري ونظرت للفراغ .. عادت لي ذكرياتي الأليمة ...
وصوت الجارة تقول بحنان " هل تريدين مشاركتنا الطعام " ...
وصوت أبي الهادر يتردد في أذني " أليس لدينا طعام لتأكليه ؟؟... ألا يكفيكـ مالدينا من طعام وألعاب .. "
أغلقت أذني بقوة وسالت دموعي على خدي .. هززت رأسيب عنف في محاولة مني لأنسى ..
ليتهم كانوا يفهمون ,, أنني لم أكن بحاجة لطعامهم ولا ألعابهم ..
ولكني كنت أحتاج عطفهم .. حنانهم ..
أردت دائما أن أشعربأنني منهم ,,
ليت أبي يفهم أن استراقي النظر لبيت الجار كان رغبتي بالحصول على عائلة مثلهم ..
كم رغبت أن تقبلني أمي .. تحضنني .. تمسح شعري بحنان .. تحكي لي قصة ما قبل النوم ..
يا ألهي ؛؛ كل ما أردته قليل من الاهتمام .. والحنان .. والعطف ..
هل كان صعبا عليهم ليفهموا ؟؟!!!
آتمنى تعجبكم القصة